"الطفل السعودي" هدف "سعودية المستقبل"
هل تحملنا مسؤولياتنا تجاه الأجيال القادمة؟ هل عملنا على توفير فرص جيدة لأجيالنا القادمة؟ هل حفظنا لهم أمانة الوطن؟ أعتقد أن هذه الأسئلة يجب أن تكون في مقدمة الأسئلة الحقيقية التي تقف أمامنا باستمرار. نحن الجيل الذي نتحمل المسؤوليات في هذه الفترة، الجيل المسؤول عن التفكير والتخطيط والرأي والقرار والتنفيذ. هذا السؤال الكبير الذي سيلاحقنا في المستقبل ولن يكون حكم الأجيال القادمة رحيما بنا إذا لم نتحمل مسؤولياتنا، إذا لم ننظر للمستقبل، إذا لم يكن الطفل السعودي هدف مشاريعنا اليوم.
يومنا الوطني فرصة لمراجعة هذه القضية، فرصة لقياس ما حققنا في هذا السياق. سياق الإنسان السعودي القادم، سياق مستقبل الوطن.
وهل الوطن إلا إنسانه!. هذا السؤال الكبير يفترض أن يحدث تغييراً في طريقة التفكير لتنتقل من طريقة التفكير لحل المشاكل الآنية والأسئلة الحالية الحاضرة إلى فتح أفق أبعد وأوسع يتجاوز كل هذا إلى مسافات أطول في الزمن. هذا التفكير بالضرورة يستوجب التخطيط الدقيق والإستراتيجية المرنة التي تضع المستقبل في أول أهدافها.
هذا النوع من التفكير أيضا يحتاج إلى قراءة للمستقبل، قراءة استشرافية، وعيون واسعة وبعيدة المدى تستطيع أن تتصور بالتقريب ماذا سيكون المستقبل عليه. في أي اتجاه هو طريق العالم. ما هي شروط الحياة الكريمة وفرص النجاح والإبداع بعد خمسين أو مئة سنة. ماذا يمكن أن تكون فرصة مولود اليوم. ما هي المواصفات والمهارات التي يحتاج أن يكون عليها لكي يكون متوائما مع عصره ومع حياته ومع العالم من حوله.
هذا النوع من التفكير يصطدم كثيرا بثقافة الاتكالية والنظرة القصيرة والأفق الضيق. أي الثقافة التي تترك الأمور تسير بالبركة، وتعتقد أن هذه البركة يمكن أن تتحمل المسؤوليات نيابة عنها. هذه الثقافة غير قادرة بالتأكيد على قيادة وطن وشعب ولا رسم خطط المستقبل، بل بالعكس فهي المسؤولة الأولى عن حياة التخبط التي لن تنتج إلا الدمار والانحطاط.
في الثقافات المغرقة في التقليد لا يحظى الطفل بامتياز خاص في التفكير. يترك للظروف الطبيعية لتقوم بتنشئته لأن المطلوب منه لا يخرج عن ما تفرضه عليه الطبيعة من المشاركة في الحياة المرسومة سلفا. الثقافات الحديثة اليوم تعتقد أن الطفل مشروع استثماري يبدأ العمل لإنجاحه من قبل الحمل استمرارا بالحمل إلى الولادة وكل فترات النمو حتى الاكتمال. وكل فترة من هذه الفترات لها سياستها الخاصة وطريقة عملها المستقلة.
العمل على مستوى الدولة لا يختلف برأيي كثيرا بل يفترض أن يسير وفق هذا المبدأ. فالأطفال اليوم هم،كما نردد كثيرا، عماد المستقبل. ولكن هذا الشعار الذي طالما سمعناه يجب أن يحقق على أرض الواقع من خلال برامج عمل وقوانين مطبقة. فلنأخذ هنا على سبيل المثال قضية مهمة وهي قضية الاهتمام بتثقيف الأمهات الحوامل. التثقيف الصحي والفكري عن الحمل والولادة والتربية. وأركز هنا على الأمهات ذوات المستوى التعليمي والمادي المتدني. هل يقام لهن شيء من هذا القبيل؟ هنا يمكن أن نعرف بدقة هل نحن نعتقد أن أطفال اليوم هم عماد المستقبل أم لا.
الاهتمام بالطفولة يتركز أساسا على الاهتمام الصحي بمعناه الأوسع والأشمل، النفسي والعضوي، الذي يتسع ليشمل الأسرة والمجتمع، كما يرتكز على التعليم بمراحله المتقدمة جدا إلى تعليم الأمهات الكبيرات. هذه المرتكزات الأساسية هي لب مستقبل أي وطن من الأوطان. ويجب أن تكون هي لب سعودية المستقبل. أتمنى أن يكون شعار سعودية المستقبل هو الطفل السعودي. وأن نحقق مشروعاً وطنياً حقيقياً مستمراً يشكل مبدأ بناء هذا الوطن.
الصحة والتعليم لكي تتحقق بمستوياتها التي نتحدث هنا يجب أن تكون هي هدف التشريع القضائي والسياسي في البلد وأن تكون هي مقياس نجاح أي فترة من الفترات.
أي إننا إذا أردنا تقييم أنفسنا حقيقة فعلينا أن نبحث في المعدلات التي حققناها في الصحة الشاملة وصحة الأسرة والتعليم الحقيقي المنتج المبدع. التي هي تعني في ذات الوقت المستوى الذي يقف عليه الطفل السعودي، أي المستوى الذي سيقف عليه الوطن السعودي في المستقبل.
ما هو مستوى التعليم ما قبل العام والعام والجامعي لدينا؟ ما هي تقييماتنا لمستوى الصحة والوعي الصحي للأسرة السعودية خصوصا الأسرة محدودة الدخل والتعليم. في أي مستوى من الوعي والثقافة هي الأم السعودية؟ ما هو تقييمنا للتشريعات الخاصة بحقوق المرأة والطفل والطلاق والزواج. ما معدلات الوعي العام بمبادئ حقوق الإنسان وتطبيقاتها العملية؟ ما هي حالة إلزامية التعليم؟ وكم نسبة الأطفال المتسربين من التعليم؟
ما هي فرصة الأسرة التي فاتها التعليم في الحصول على تعليم لاحق وما مستوى هذا التعليم؟ صحة الطفل وحال مستشفيات الأطفال والوعي الصحي ورعاية الأمهات الحوامل؟ هل لكل هذا علاقة بالمشروعات الاقتصادية والخطط السياسية التي تنشأ الآن؟ هذه برأيي نماذج من أسئلة ملحة وحقيقية هي التي ستجيب عن مستقبل الإنسان السعودي والوطن السعودي.
اليوم الوطني مناسبة كبرى لشحذ الهمم لإنجاز المستقبل وتحقيق التغيير، مناسبة هذه السنة تترافق مع افتتاح منبر علمي كبير، جامعة الملك عبدالله، الجامعة التي هي ضمن جامعات المستقبل الحقيقية، الجامعة التي نتطلع أن يشارك فيها الشاب السعودي شباب العالم في الإبداع والإنجاز، الجامعة التي نتمنى أن تكون مثالاً ونموذجاً لغيرها من الجامعات السعودية التي نؤسسها اليوم ليستثمرها أبناؤنا في المستقبل ويرسخوا جذورها لأبنائهم لنرسم باستمرار لوحة الوطن السعودي العظيم.
الجمعة أبريل 15, 2011 11:46 am من طرف MISS AL_ahmadi
موضوع: "الطفل السعودي" هدف "سعودية المستقبل" 
