حذّر أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان من استمرار التشوه الثقافي الذي يتعرض له الأطفال والشباب اليوم. وقال الفوزان "لا يوجد في العالم أطفال يتعرضون للتشوه الثقافي كما يتعرض له أطفالنا، نتيجة لضعف التربية، الأمر الذي أظهر حالة من الانسلاخ من الثقافة المحلية، والانغماس في سلبيات الثقافة الغربية دون إحساس بالخطر المحدق بأبنائنا بناة الغد، فالحالة العامة لتربية أطفالنا اليوم تنذر بكارثة تربوية في المستقبل، إن لم تتظافر الجهود لحماية المجتمع وتوجيهه وإرشاده، واستثمار العنصر البشري إيجابياً".
وأضاف الفوزان لـ "الوطن" أن غياب القدوة، الذي أدى إلى غياب الحوار، إضافة إلى إدمان الألعاب الإلكترونية، وحرية استخدام الأطفال والشباب للإنترنت بلا ضوابط، وضعف دور الأجهزة المعنية بالتربية ورعاية المجتمع في القيام بواجباتها في هذا المجال، كل تلك أسباب تهدد المجتمع بكارثة تربوية وأخلاقية في المستقبل.
وقال إن أحدث الإحصاءات أن أكثر من 70% من المجتمع شباب مما يستدعي مضاعفة الجهد لخلق جيل واع مدرك ومتحمل للمسؤولية، معتز بموروثه الثقافي. ولن يتأتّى ذلك إلا باعتماد الحوار أسلوباً في معالجة السلوكيات السلبية، والبعد عن العنف بكافة أشكاله وصوره، كما أن 25% من الأطفال السعوديين يراجعون طوارئ المستشفيات نتيجة تعرضهم للعنف الأسري, بسبب الجهل التربوي لدى الأسرة في التعامل معهم، ولأن الأطفال هم الفئة الأضعف في الأسرة ويمارس عليهم ذلك العنف في المنزل. الأمر الذي يعزز العدوانية لديهم وفقدان الثقة بأنفسهم، مع العلم أن حوالي 75- 85% من شخصية الإنسان تتشكل خلال السنوات الـ5 الأولى من عمره، فإذا تعرض إبناؤنا للعنف وغاب عنهم القدوة، وترك أمرهم للمؤثرات التقنية السلبية فإن استشراف المستقبل يكاد يكون مظلماً.
كما أن 85% من طالبات المرحلة الثانوية يعانين من الفراغ العاطفي داخل الأسرة، و60% من الأطفال مصابون بالرهاب الاجتماعي نتيجة القمع، وغياب الحوار، مما أصابهم بفقدان الثقة بالنفس. فعلى الأجهزة المعنية بالتربية وحقوق الإنسان والرعاية الاجتماعية وضع خطط استثمارية لهذه الطاقات البشرية الشابة، وتوجيهها التوجيه السليم.
وحذر الفوزان من الآثار السلبية ألعاب الأطفال الإلكترونية (البلاي ستيشن) حيث تستهدف تعليمهم أو إكسابهم ثقافة العدوان، والتمرد، والعنف، والانحلال الأخلاقي، مما يتطلب تدخل رجال الأعمال إلى خدمة المجتمع من خلال إنتاج ألعاب إلكترونية للأطفال تعزز منظومة قيم المجتمع. في حين يلحق الإنترنت الأذى النفسي بالمراهقين والمراهقات من خلال الاستدراج الجنسي، أو السخرية، أو تعليم الشذوذ الجنسي، مما يتطلب أسلوباً تربوياً للتعامل مع هذه التقنيات يعتمد على منع الاختلاء بأجهزة الحاسب، مع تعزيز الثقة، والمصداقية.
ودعا الدكتور الفوزان المجتمع إلى ضرورة الاطلاع ومعرفة خصائص النمو لدى الأطفال والمراهقين ليتمكن الآباء والأمهات من التعامل مع أبنائهم وفق معرفة سليمة لطرائق التربية الإسلامية الصحيحة.